ألآ إن نصر الله قريب
سيقول اليائسون و المثبطون و الحاقدون الذين يسمعون هذا إنه الخيال بعينه ، و إنه الوهم ، و إنه الغرور ، فهم قد يئسوا من أنفسهم و يئسوا من صلتهم بالقوى القادر ، أما نحن فنقول إنها الحقيقة التى نؤمن بها و نعمل لها ( و نريد أن نمن على الذين استضعفوا فى الأرض و نجعلهم أئمة و نجلعهم الوارثين ، و نمكن لهم فى الأرض ) .
و إن القرآن ليمد هؤلاء الصابرين الآملين الذين لا يجد اليأس إلى قلوبهم سبيلا بمعان من القوة لا تفيض إلا من رحمة الله و قدرته ( و لا تهنوا و لا تحزنوا و أنتم الأعلون إن كنتم مؤمنين ) .
متى نصر الله ؟ .. ألا أن نصر الله قريب .. و لكنه مدخر لمن يستحقونه ، و لن يستحقه إلا الذين يثبتون حتى النهاية ، الذين يثبتون على الباساء و الضراء ، الذين يصمدون للزلزلة ، الذين لا يحنون رؤوسهم للعاصفة ، الذين يستيقنون أن لا نصر إلا نصر الله ، و عندما يشاء الله .. و حتى عندما تبلغ المحنة ذورتها ، فهم يتطلعون – فحسب – إلى نصر الله لا إلى أى حل آخر ، و لا إلى أى نصر لا يجىء من عند الله ، إن الصراع مع الباطل و الصبر عليه يهب النفوس قوة ويرفعها على ذواتها و يصهرها فى بوتقة الألم فيصفو عنصرها و يضىء ، ويهب العقيدة عمقاً و قوة و حيوية ، و ترتفع أرواح أصحاب الدعوة على كل قوى الأرض و شرورها و فتنتها و تنطلق من أغلال الحرص على الدعة و الراحة و الحياة ، فتتلألأ الدعوة حتى فى أعين أعدائها و خصومها و عندئذ يدخل الناس فى دين الله أفواجاً .. و حسب المؤمن انتصاراً أن يلقى ربه و هو راض عنه ، بثباته على الحق و استعلائه به ، هذا هو الطريق .. إيمان و جهاد .. و محنة و ابتلاء .. و صبر و ثبات ، و توجه إلى الله وحده ثم يجىء النصر ثم يجىء النعيم ، بهذا يدخل المؤمنون الجنة ، مستحقين لها جديرين بها ، بعد الجهاد و الامتحان و الصبر و الثبات و التجرد لله وحده و إغفال كل ما سواه ..
إنه لمن الخطأ الجسيم أن يظن البعض – ممن يثبطون الهمم – أن المحن ليست أمراً طبيعياً على طريق النصر ، بل يقولون إنها تولد رجالاً لا يصلحون للقيادة ، و لا يفيدون فى توجيه ، حتى أصبحت المحن سبة و الثبات معرة ، و نتائجها سلبية لا تفيد الجماعة بل تعوقها ، و بالتالى فحذارى حذارى من هذه المحن ، و إياك أن تتعرض لمحنة أو تدخل سجناً ، فإن من ولج هذا الطريق قضى نحبه و ماتت عزيمته ، و ضاع جهده ، و تلوث فكره ، و نقص عقله ، و انتهت صلاحيته ، و كأن البلاء من كسب البشر و ليس قرين الإيمان ( الم * أحسب الناس أن يتركوا أن يقولوا ءامنا و هم لا يفتنون * و لقد فتنا الذين من قبلهم فليعلمن الله الذين صدقوا و ليعلمن الكاذبين ) .
و الناس كذلك يقصرون معنى النصر على صور معينة معهودة لهم ، قريبة الرؤية لأعينهم .. و لكن صور النصر شتى .. و قد يتلبس بعضها بصور الهزيمة عند النظرة القصيرة . فإبراهيم عليه السلام و هو يلقى فى النار لا يرجع عن عقيدته و لا الدعوة إليها .. أكان فى موقف نصر أم فى موقف هزيمة .. الغلام فى قصة أصحاب الأخدود قتل و لم ير النصر المبين .. أكان فى موقف نصر أم هزيمة .. محمد صلى الله عليه و سلم يوم الحديبية .. أكان فى موقف نصر أم هزيمة ..
البنا يوم أن غدرت به الأيدى المجرمة ... أكان فى موقف نصر أم هزيمة . . سيد قطب عندما أعلانها لحظة التأمر على قتله .. فزت و رب الكعبة .. أكان فى موقف نصر أم هزيمة .
إن وعد الله قائم لرسله و للذين آمنوا لا يتبدل ، ولكن لابد أن توجد حقيقة الإيمان فى القلوب التى ينطبق هذا الوعد عليها ولذلك من صور النصر ، النصر على الذات و النفس فمن انتصر على نفسه كان على غيرها أقدر، و هو النصر الداخلى الذى لا يتم نصر خارجى بدونه بحال من الأحوال .
و هناك دائما شبهة كاذبة أو أمنية عاتبة : لماذا يارب ؟ لماذا يصاب الحق و ينجو الباطل ؟ لماذا يبتلى أصحاب الحق و ينجو أهل الباطل ؟ و فيم للباطل هذه الصولات ؟ و فيم يعود الباطل من صدامه مع الحق بهذه النتائج ؟ أليس الحق هو الذى ينبغى أن ينتصر ؟ و فيها فتنة للقلوب و هزة .. كلا إنما هى حكمة و تدبير إلهى ... ( ليهلك من هلك عن بينة و يحيى من حى عن بينة ) .
إن ذهاب الباطل ناجياً فى معركة من المعارك و بقاءه منتفشاً فترة من الزمان ليس معناه أن الله تاركه أو أنه من القوة بحيث لا يغلب أو بحيث يضر الحق ضرراً ( إن ربك لبالمرصاد ) .
و إن ذهاب الحق مبتلى فى معركة من المعارك و بقاءه ضعيف الحول فترة من الزمان ليس معناه أن الله مجافيه أو ناسيه أو أنه متروك للباطل يهلكه و يرديه ( فاصبر لحكم ربك ) .
إن الله يملى للباطل ليمضى إلى نهاية الطريق و ليرتكب أبشع الآثام و ليحمل أثقل الأوزار ، و لينال أشد العذاب باستحقاق ( إنما نملى لهم ليزدادو إثماً ) .
وإن الله يبتلى الحق ليميز الخبيث من الطيب و يعظم الأجر لمن يمضى مع الابتلاء و يثبت و يصبر
( ما كان الله ليذر المؤمنين على ما أنتم عليه حتى يميز الخبيث من الطيب ) .
وعد قاطع و سنة ثابتة أن ينتصر هذا الدين ، متى .. ؟ عندما تحمله مجموعة من البشر تؤمن به إيماناً كاملاً و تستقيم عليه بقدر طاقتها و تعيش بالإسلام و تجعله وظيفة حياتها و غاية آمالها و تجتهد لتحقيقه فى قلوب الآخرين و فى حياتهم و تتحمل فى سبيل ذلك و لا تستبقى جهداً و لا طاقة و لا تعيش إلا للإسلام حينئذ يتحقق وعد الله ..
( وعد الله الذين أمنوا منكم و عملوا الصالحات ليستخلفنهم فى الأرض كما استخلف الذين من قبلهم وليمكنن لهم دينهم الذى ارتضى لهم و ليبدلنهم من بعد خوفهم أمناً يعبدوننى لا يشركون بى شيئاً ) .
إن النصر لايأتى عفواً ، و لا ينزل اعتباطاً ، و لا يخبط خبط عشواء ، إن للنصر قوانين و سنناً سجلها الله فى كتابه الكريم ، ليعرفها عباده المؤمنين و يتعاملوا معها على بصيرة ، و أول هذه القوانين إن النصر من عند الله تعالى ( و ما النصر إلا من عند الله ) ، و ثانيها أن من ينصره الله فلن يغلب ابداً و من خذله فلن ينصر أبداً ( إن ينصركم الله فلا غاب لكم ، و إن يخذلكم فمن ذا ينصركم من بعده ) ، و ثالثها أن الله لا ينصر إلا من نصره ( و لينصرن الله من ينصره ) ، و رابعها أن نصر الله لا يكون إلا للمؤمنين ( و كان حقا علينا نصر المؤمنين ) ، و خامسها أن نصر الله لا يكون إلا بالمؤمنين ( هو الذى أيدك بنصره و بالمؤمنين ) ، إن سريان قوانين النصر يتوقف على وجود المؤمنين ، و هؤلاء المؤمنين لا يهبطون من السماء ، و لكنهم ينبتون من الأرض ، هم نبت يحتاج إلى زراع صادقين صابرين يتعهدونه ، و لهذا كان أكبر هم للبنا أن ينشأ هذا الجيل .
و ها هو يحدد بدقة ملامح هذا الجيل " جيل النصر المنشود " :
إرادة قوية : لا يتطرق إليها : ضعف
وفاء ثابت : لا يعدو عليه : تلون و لا غدر
تضحية عزيزة : لا يحول دونها : طمع و لا بخل
معرفة بالمبدأ ، و إيمان به ، و تقدير له : يعصم من :
الخطأ فيه و الإنحراف عنه ..... و المساومة عليه و الخديعة بغيره
سيقول اليائسون و المثبطون و الحاقدون الذين يسمعون هذا إنه الخيال بعينه ، و إنه الوهم ، و إنه الغرور ، فهم قد يئسوا من أنفسهم و يئسوا من صلتهم بالقوى القادر ، أما نحن فنقول إنها الحقيقة التى نؤمن بها و نعمل لها ( و نريد أن نمن على الذين استضعفوا فى الأرض و نجعلهم أئمة و نجلعهم الوارثين ، و نمكن لهم فى الأرض ) .
و إن القرآن ليمد هؤلاء الصابرين الآملين الذين لا يجد اليأس إلى قلوبهم سبيلا بمعان من القوة لا تفيض إلا من رحمة الله و قدرته ( و لا تهنوا و لا تحزنوا و أنتم الأعلون إن كنتم مؤمنين ) .
متى نصر الله ؟ .. ألا أن نصر الله قريب .. و لكنه مدخر لمن يستحقونه ، و لن يستحقه إلا الذين يثبتون حتى النهاية ، الذين يثبتون على الباساء و الضراء ، الذين يصمدون للزلزلة ، الذين لا يحنون رؤوسهم للعاصفة ، الذين يستيقنون أن لا نصر إلا نصر الله ، و عندما يشاء الله .. و حتى عندما تبلغ المحنة ذورتها ، فهم يتطلعون – فحسب – إلى نصر الله لا إلى أى حل آخر ، و لا إلى أى نصر لا يجىء من عند الله ، إن الصراع مع الباطل و الصبر عليه يهب النفوس قوة ويرفعها على ذواتها و يصهرها فى بوتقة الألم فيصفو عنصرها و يضىء ، ويهب العقيدة عمقاً و قوة و حيوية ، و ترتفع أرواح أصحاب الدعوة على كل قوى الأرض و شرورها و فتنتها و تنطلق من أغلال الحرص على الدعة و الراحة و الحياة ، فتتلألأ الدعوة حتى فى أعين أعدائها و خصومها و عندئذ يدخل الناس فى دين الله أفواجاً .. و حسب المؤمن انتصاراً أن يلقى ربه و هو راض عنه ، بثباته على الحق و استعلائه به ، هذا هو الطريق .. إيمان و جهاد .. و محنة و ابتلاء .. و صبر و ثبات ، و توجه إلى الله وحده ثم يجىء النصر ثم يجىء النعيم ، بهذا يدخل المؤمنون الجنة ، مستحقين لها جديرين بها ، بعد الجهاد و الامتحان و الصبر و الثبات و التجرد لله وحده و إغفال كل ما سواه ..
إنه لمن الخطأ الجسيم أن يظن البعض – ممن يثبطون الهمم – أن المحن ليست أمراً طبيعياً على طريق النصر ، بل يقولون إنها تولد رجالاً لا يصلحون للقيادة ، و لا يفيدون فى توجيه ، حتى أصبحت المحن سبة و الثبات معرة ، و نتائجها سلبية لا تفيد الجماعة بل تعوقها ، و بالتالى فحذارى حذارى من هذه المحن ، و إياك أن تتعرض لمحنة أو تدخل سجناً ، فإن من ولج هذا الطريق قضى نحبه و ماتت عزيمته ، و ضاع جهده ، و تلوث فكره ، و نقص عقله ، و انتهت صلاحيته ، و كأن البلاء من كسب البشر و ليس قرين الإيمان ( الم * أحسب الناس أن يتركوا أن يقولوا ءامنا و هم لا يفتنون * و لقد فتنا الذين من قبلهم فليعلمن الله الذين صدقوا و ليعلمن الكاذبين ) .
و الناس كذلك يقصرون معنى النصر على صور معينة معهودة لهم ، قريبة الرؤية لأعينهم .. و لكن صور النصر شتى .. و قد يتلبس بعضها بصور الهزيمة عند النظرة القصيرة . فإبراهيم عليه السلام و هو يلقى فى النار لا يرجع عن عقيدته و لا الدعوة إليها .. أكان فى موقف نصر أم فى موقف هزيمة .. الغلام فى قصة أصحاب الأخدود قتل و لم ير النصر المبين .. أكان فى موقف نصر أم هزيمة .. محمد صلى الله عليه و سلم يوم الحديبية .. أكان فى موقف نصر أم هزيمة ..
البنا يوم أن غدرت به الأيدى المجرمة ... أكان فى موقف نصر أم هزيمة . . سيد قطب عندما أعلانها لحظة التأمر على قتله .. فزت و رب الكعبة .. أكان فى موقف نصر أم هزيمة .
إن وعد الله قائم لرسله و للذين آمنوا لا يتبدل ، ولكن لابد أن توجد حقيقة الإيمان فى القلوب التى ينطبق هذا الوعد عليها ولذلك من صور النصر ، النصر على الذات و النفس فمن انتصر على نفسه كان على غيرها أقدر، و هو النصر الداخلى الذى لا يتم نصر خارجى بدونه بحال من الأحوال .
و هناك دائما شبهة كاذبة أو أمنية عاتبة : لماذا يارب ؟ لماذا يصاب الحق و ينجو الباطل ؟ لماذا يبتلى أصحاب الحق و ينجو أهل الباطل ؟ و فيم للباطل هذه الصولات ؟ و فيم يعود الباطل من صدامه مع الحق بهذه النتائج ؟ أليس الحق هو الذى ينبغى أن ينتصر ؟ و فيها فتنة للقلوب و هزة .. كلا إنما هى حكمة و تدبير إلهى ... ( ليهلك من هلك عن بينة و يحيى من حى عن بينة ) .
إن ذهاب الباطل ناجياً فى معركة من المعارك و بقاءه منتفشاً فترة من الزمان ليس معناه أن الله تاركه أو أنه من القوة بحيث لا يغلب أو بحيث يضر الحق ضرراً ( إن ربك لبالمرصاد ) .
و إن ذهاب الحق مبتلى فى معركة من المعارك و بقاءه ضعيف الحول فترة من الزمان ليس معناه أن الله مجافيه أو ناسيه أو أنه متروك للباطل يهلكه و يرديه ( فاصبر لحكم ربك ) .
إن الله يملى للباطل ليمضى إلى نهاية الطريق و ليرتكب أبشع الآثام و ليحمل أثقل الأوزار ، و لينال أشد العذاب باستحقاق ( إنما نملى لهم ليزدادو إثماً ) .
وإن الله يبتلى الحق ليميز الخبيث من الطيب و يعظم الأجر لمن يمضى مع الابتلاء و يثبت و يصبر
( ما كان الله ليذر المؤمنين على ما أنتم عليه حتى يميز الخبيث من الطيب ) .
وعد قاطع و سنة ثابتة أن ينتصر هذا الدين ، متى .. ؟ عندما تحمله مجموعة من البشر تؤمن به إيماناً كاملاً و تستقيم عليه بقدر طاقتها و تعيش بالإسلام و تجعله وظيفة حياتها و غاية آمالها و تجتهد لتحقيقه فى قلوب الآخرين و فى حياتهم و تتحمل فى سبيل ذلك و لا تستبقى جهداً و لا طاقة و لا تعيش إلا للإسلام حينئذ يتحقق وعد الله ..
( وعد الله الذين أمنوا منكم و عملوا الصالحات ليستخلفنهم فى الأرض كما استخلف الذين من قبلهم وليمكنن لهم دينهم الذى ارتضى لهم و ليبدلنهم من بعد خوفهم أمناً يعبدوننى لا يشركون بى شيئاً ) .
إن النصر لايأتى عفواً ، و لا ينزل اعتباطاً ، و لا يخبط خبط عشواء ، إن للنصر قوانين و سنناً سجلها الله فى كتابه الكريم ، ليعرفها عباده المؤمنين و يتعاملوا معها على بصيرة ، و أول هذه القوانين إن النصر من عند الله تعالى ( و ما النصر إلا من عند الله ) ، و ثانيها أن من ينصره الله فلن يغلب ابداً و من خذله فلن ينصر أبداً ( إن ينصركم الله فلا غاب لكم ، و إن يخذلكم فمن ذا ينصركم من بعده ) ، و ثالثها أن الله لا ينصر إلا من نصره ( و لينصرن الله من ينصره ) ، و رابعها أن نصر الله لا يكون إلا للمؤمنين ( و كان حقا علينا نصر المؤمنين ) ، و خامسها أن نصر الله لا يكون إلا بالمؤمنين ( هو الذى أيدك بنصره و بالمؤمنين ) ، إن سريان قوانين النصر يتوقف على وجود المؤمنين ، و هؤلاء المؤمنين لا يهبطون من السماء ، و لكنهم ينبتون من الأرض ، هم نبت يحتاج إلى زراع صادقين صابرين يتعهدونه ، و لهذا كان أكبر هم للبنا أن ينشأ هذا الجيل .
و ها هو يحدد بدقة ملامح هذا الجيل " جيل النصر المنشود " :
إرادة قوية : لا يتطرق إليها : ضعف
وفاء ثابت : لا يعدو عليه : تلون و لا غدر
تضحية عزيزة : لا يحول دونها : طمع و لا بخل
معرفة بالمبدأ ، و إيمان به ، و تقدير له : يعصم من :
الخطأ فيه و الإنحراف عنه ..... و المساومة عليه و الخديعة بغيره